اكتشاف 7 كواكب جديدة شبيهة بالأرض في مجموعة نجمية واحدة
أعلنت ناسا بتاريخ 22 فبراير 2017 عن اكتشاف 7 كواكب جديدة، كلها شبيهة بالأرض، ليست هذه هي المرة الأولى التي تعلن فيها ناسا عن اكتشاف كواكب جديدة، فقد اكتشفت ما يقارب 5000 كوكبا في المجرة، ما يجعل هذا الخبر مميزا ومهما هو أن كل هذه الكواكب والتي هي في مجموعة نجمية واحدة أحجامها قريبة من حجم الأرض، ثلاثة منها تقع في المنطقة الذهبية Goldilocks Zone، والتي قد تسمح لنشوء حياة عليها، بل الأهم من ذلك كله، المجموعة النجمية كلها تبعد عنا حوالي 39 سنة ضوئية، أي أنها قريبة بالمقارنة مع كواكب مكتشفة سابقا، وذلك يعني أنه بعد أن يطلق التلسكوب جيمس وبستر James Webster Space Telescope ستكون هذه الكواكب في متناول اليد، وسيتمكن العلماء من دراسة أجواءها بسهولة نسبية.
قبل أن تكتشف الكواكب السبعة، كشف التلسكوب الأرضي ترابيست التابع لبلجيكا بمشاركة سويسرا والموجود في تشيلي عن وجود ثلاثة كواكب تدور حول نجم لقب باسم TRAPPIST-1، لاحظ العلماء أنه نجم قزمي فائق البرودة (قد توحي كلمة فائق البرودة على أنه بارد مثل أن يكون متجمدا، الحقيقة أن درجة حرارة مثل هذه النجوم هي حوالي 2430 درجة مئوية أو أدنى من ذلك، هذا يعني أن ليس باردا بالمعنى المتعارف عليه، إنما يقصد أنه بارد بالمقارنة مع النجوم الأخرى، فمثلا حرارة الشمس 5500 درجة مئوية على السطح)، كذلك فهو نجم قزمي، يتجاوز حجم المشتري بقليل. النجوم القزمية تكون 75% من نجوم المجرة، وهي تحترق ببطئ، وتعمر مدة أطول من الشمس، قدر العلماء عمر ترابيست -1 على أنه 500 مليون عام على الأقل. قد يكون أكبر عمرا من ذلك. عمر الشمس حوالي 4.5 إلى 5 مليار عام.
لا تنسى أن تدعم السايوير بودكاست من خلال Patreon، كن مع الداعمين.
Become a Patron!
ملاحظة حينما كنت أستمع لمؤتمر ناسا، ذكر أحد العلماء أن المرصد كشف عن كوكب واحد، فبدأت رحلة البحث عن باقي الكواكب، تحريت عن الموضوع واكتشفت أن المرصد TRAPPIST كشف بداية عن ثلاثة كواكب، ونشرت لهم مقالة في نيتشر في شهر مايو 2016، ولا أعلم إن بدأ البحث عن بقية الكواكب مباشرة بعد ذلك أم لا، لأن بحسب المؤتمر، استغرق البحث عن بقية الكواكب مجرد 21 يوما.
المهم أن البحث بدأ بعد الاكتشاف الأولي، وانطلقت المشاهدة عن طريق التلسكوب سبتزر (Spitzer Space Telescope) التابع لناسا، كان ذلك في نهاية سنة 2016، وبعد مراقبة المجموعة النجمية TRAPPIST-1، كشف العلماء عدة معلومات عن الكواكب – التي سميت بحروف من بي b إلى h التي تدور حوله، وهي كالتالي:
1. هناك 7 كواكب تدور حول النجم القزمي الفائق البرودة، أكد سبتزر على وجود إثنان من الكواكب المكتشفة عن طريق مرصد ترابيست، وأن واحدا من المكتشفة كان في الحقيقة هو ثلاث كواكب أخرى، ثم اكتشف سبتزر إثنان إضافيان.
2. أكبر كوكبان هما جي وبي g & b، وهما أكبر من الأرض بقدر 10%.
3. اصغر كوكبين هما دي وإيتش d & h، وهما أصغر من الأرض بقدر 25%.
4. الكواكب كلها قريبة من النجم، بحث أن أقصى مدار لها لا يتعدى نصف قطر مدار كوكب عطارد (عطارد أقرب كوكب للشمس)، إلى هذه الدرجة المجموعة النجمية صغيرة.
5. أقرب كوكب إلى النجم ترابيست-1 سنته 1.5 يوم. وهو كوكب ترابيست-1 بي.
6. أما أبعد كوكب فسنته هي 20 يوما.
كيف استطاع مرصد سبتزر الفضائي أن يعرف هذه المعلومات عن الكواكب؟ قد يتصور البعض أن العلماء يرون تلك الكواكب باستخدام تلسكوبات بصرية، وهذا غير صحيح، فليست لدينا مراصد تستطيع أن ترصد الكواكب على أشكالها الحقيقية كما لو أنها تشاهد بالعين، أحيانا نرى صورا للكواكب على الإنترنت، هذه الصور ليست حقيقية، إنما هي رسمات لفنان متخصص في رسمها، يصور الكواكب كما يشرحها له العلماء، هذه الكواكب بعيدة إلى درجة أنها لا يمكن تميزها بصريا بأي تكنولوجيا متوفرة في العصر الحالي، لذلك يلجأ العلماء إلى طريقة أخرى لاكتشاف الكواكب البعيدة إن وجدت.
الفكرة تعتمد على شدة إضاءة النجم، وكم من إضاءة النجم يغطيها الكوكب الذي يمر من أمامها، حينما تدور الكواكب حول النجم فستغطي جانبا منه، ستنخفض الإضاءة أثناء مرورها، ومن انخفاض الإضاءة والكمية التي انخفضت فيها يعرف العلماء، حجم الكواكب، حتى تتضح الفكرة أكثر، تخيل أنك جالس خارج المنزل في يوم مشمس، النور الساطع يضايقك، رفعت ابنتك يدها الصغيرة لتغطي الشمس، ولكن لأن يدها صغيرة ستغطي جزءا بسيطا من النور، ربما ستضطر لرفع يدك الكبيرة لتغطي كمية أكبر من النور، كمية النور التي تغطيها كل من اليدين يعطي انطباعا عن حجمهما. هذا ما يقوم به التلسكوب لمعرفة الأحجام.
أما بالنسبة لسنة الكوكب، فحينما ينتظر العلماء إلى أن يدور كوكب ما حول النجم دورة كاملة ليمر مرة أخرى أمامه، سيعرفون سنة تلك الكواكب، أو الدورة الكاملة التي يستغرقها الكوكب حول النجم. وبالرغم من صغر السنة لكل كوكب إلا أن أيامها طويلة جدا، أو أبدية، حيث أنها وجها واحدا منها يتجه ناحية النجم، كما هو الحال في القمر الذي يظهر وجها واحدا ناحية الأرض. وهذا الأمر يطلق عليه كلمة تقييد مدّي Tidally Locked. ووجود وجه واحد في جهة النجم ترابيست-1 يعني أن الحرارة مرتفعة في ذلك المكان، ولو كان الماء متوفرا عليها لكان في حالته السائلة، أما في الجانب الآخر الذي لا يقابل النجم فسيكون الكوكب باردا متجمدا.
ثلاثة من تلك الكواكب موجودة في منطقة Goldilocks zone، وهو النطاق الصالح للحياة، فإذا كانت الحياة البيولوجية ممكنة في أي من تلك الكواكب فستكون الكواكب إي e، وجي g، وإف f. لا يعلم العلماء بالتأكيد إن كانت هي فعلا قابلة للحياة، فصحيح أنها في منطقة ليست حارة جدا ولا باردة جدا، إلا أن طبيعة الكوكب والمكونات التي عليه هي أيضا ترتبط بنشوء حياة عليه. فحتى تكون هناك حياة بيولوجية من صنفنا نحن لابد من وجود الماء، ولابد من وجود الميثان والأكسجين، وغيرها.
لمعرفة مكونات الغازية للأجواء على تلك الكواكب سنتحاج إلى التلسكوب الهائل James Webster Space Telescope، والذي سينطلق إلى الفضاء الخارجي بأكتوبر 2018، حجم التلسكوب يعادل ملعب تنس أرضي تقريبا، التلسكوب الذي يستطيع أن يستقبل الأشعة التحت الحمراء والحمراء والبرتقالية بدقة متفوقة، سيمكنه معرفة مكونات أجواء تلك الكواكب.
الطريقة التي يعتمد عليها تلسكوب جيمس ويب تحليل طي ف الضوء الآتي من النجم عبر الكواكب، سيمر الضوء عبر أجواء الكواكب، وستمنع الأجواء بعض أطيافه، ما سيأتينها منها هو تفاعل الضوء مع الجزئيات الموجودة فيها بأطوالها بألوانها أو لنقل بأطوالها الموجية، سيتمكن التلسكوب من رصد مكونات الأجواء من خلال تحليل تلك الموجات، أضف لذلك حينما يخسف النجم الكوكب جزئيا، أي أن الكوكب يكون خلف النجم جزيئا، فإنه يعكس أضواء النجم، وهذه أيضا يتم تحليلها لمعرفة مكونات الأجواء. وهاتان الطريقتان يطلق عليهما اسم Transit Spectroscopy.
رغم أن تلسكوب جيمس وبستر لن ينطلق إلى بعد 3 سنوات، لم يمنع ذلك العلماء من محاولة كشف أجواء تلك الكواكب باستخدام التلسكوب هبل، وُجّه هبل إلى الكواكب، وباستخدام Transit Spectroscopy المتوفر استطاع تحديد ما إذا كان الغالب على تلك الأجواء هو غازي الهيدروجين والهيليوم، النتائج تبين أن هذه الغازات ليس هي الغالبة على الأجواء، وهذا أمر جيد، لأن موجود كثافة عالية من الهيدروجين يكون احتباسا حراريا يمنع الحياة من التكون.
لو كنت واقفا على إحدى تلك الكواكب وفي أوقات معينة ستظهر الكواكب الأخرى بحجم أكبر من القمر، سترى مجموعة منها تملأ السماء، حتى السفر بين تلك الكواكب يستغرق أياما بالسرعات التي نطلق بها الصواريخ بين الكواكب في المجموعة الشمسية، بالمقارنة فإن السفر بينها يستغرق أشهرا إلى سنوات في المجموعة الشمسية.
لا تحلم بأن تذهب لهذه الكواكب في عصرنا، حتى لو ركبت أسرع المراكب الفضائية الحالية لن تصل إليها إلا بعد ملايين السنين، فحتى لو كنت على متن فوتون من الضوء، وانتقلت بسرعته القصوى لوصلت إليه بعد 39 سنة.
المصادر
- ورقة علمية عن اكتشاف ثلاثة كواكب حول النجم.
- معلومات عن المجموعة TRAPIST-1 على الويكيبيديا.
- موقع المرصد الفلكي TRAPIST.
- شرح طريقة اكتشاف الكواكب عن طريقة Transit Spectroscopy.
- مقالة عن المرصد الفلكي جيمس وبستر.
- فيديو يبين معلومات عامه الكواكب في مجموعة ترابيست.
- مقالة من ناسا عن دراسة أجواء الكواكب في مجموعة ترابيست.