SW040 كان ياما كان في حديث الزمان: جوجل
كان ياما كان في حديث الزمان: جوجل
كان ياما كان في حديث الزمان: جوجل
الكل يعرف جوجل (Google)، هي أولا وبشكل رئيسي شركة قائمة على البحث على الإنترنت، هدفها الرئيسي هو إيصال المعلومة الصحيحة على حسب طلب المستخدم، وتتفوق جوجل في هذه الخاصية على جميع منافساتها من محركات البحث، والتطوير في هذا المجال لا يتوقف، ولا تزال جوجل تكبر بشكل هائل بالمقارنة مع البداية التي ابتدأتها عن طريق الشخصيتين الشابتين النشطتين سيرجي برين Sergy Brin [1]Sergy Brin ، ولاري بيج Lawrence “Larry” Page [2]Lawrence “Larry” Page ، بدأت بفكرة بسيطة وإبداعية للبحث وانتهت بشركة مليارية هدفها المعلن هو: “تنظيم المعلومات العالمية لتكون سهلة المنال ومفيدة عالميا”، تعمل في الكثير من الاتجاهات، فبالإضافة للبحث في الإنترنت فهي تبحث في الصور والمشتريات والفيديو والأخبار والكتب والأوراق العلمية والمدونات، لديها إيميل وخرائط وارض جوجل، وترجمة، بالإضافة إلى دخولها مؤخرا في صناعة المتصفح والأنظمة كنظام آندرويد للهواتف المتنقلة، والتي تشكل ضربة قوية لميكروسوف بالذات، وهناك أيضا ما هو معلن مما يجري في مختبرات جوجل Google Labs [3]Google Labs مثل تشكيل الكلمات [4]تشكيل الكلمات ، والباحث عن المتابعين (Follow finder) وهو محلل المتابعين على التويتر ويقترح عليك من تتابع، وخرائط المريخ، وغيرها مما لم يعلن عنه لإخفائه من المنافسة. بدأت بعدد بسيط من الباحثين على صفحتها في الجامعة واليوم عدد طلبات البحث تعدى المليار يوميا، بدأت بكمبيوتر واحد في جامعة واليوم لديها مليون كمبيوتر خادم حول العالم، بدأت بلا أرباح وأصبحت تربح ربحا صافيا قدره 6.5 مليار دولار، بدأت بشخصين وانتهت بـ 21,621 موظف في سنة 2010، ما هي قصة جوجل، ومن هم سرجي وبرين؟
لا تنسى أن تدعم السايوير بودكاست من خلال Patreon، كن مع الداعمين.
Become a Patron!
البداية
كان سيرجي شابا ذكيا ونابغا في الرياضيات من أصول روسية هاجر مع أهله إلى الولايات المتحدة وهو في السادسة من عمره، انهى دراسة البكالوريوس حينما كان عمره 19 سنة، وأكمل مشوار الدارسة للحصول على الدكتوراة من جامعة ستانفورد، تقابل مع لاري بيج أثناء الدراسة، ومن أكثر ما تميز به الإثنان في بداية تلك الصداقة هو النقاشات التي دارت بينهما، لم يكن يهمهم علام يدور النقاش طالما أنهما يخوضان كأضداد لبعضهما البعض في صراعات نقاشية حامية، كل منهما كان ينظر للآخر على أنه بغيض، ولكن كل من كان ينظر إليهما كان يرى فيهما الذكاء والودية، وفي بعض الأحيان البله (بشكل إيجابي طبعا).
لكل منهما جذور في العلم فأبوا كل منهما كان متعلمين وبدرجة الدكتوراة، فكان أبو سيرجي بروفيسورا في الرياضيات، وكانت أمه تعمل كباحثة في ناسا، وحتى لاري كان كل من أبوه وأمه بروفيسور في الحاسب الآلي، ويقول لاري بيج عن تجربته مع ابوه من ناحية الكمبيوتر: “كنا سيعيدي الحظ حينما حصلنا على أول كمبيوتر منزلي سنة 1978، كان ضخما، وكلف الكثير، ولم نتمكن من إطعام أنفسنا بعد ذلك، أنا كنت دائما أحب الكمبيوتر لأنني كنت أعتقد أن أنك تستطيع عمل الكثير به.” ثم يقول: “قدمت ورقة مطبوعة باستخدام معالج الكلمات في المدرسة الإبتدائية، وفي ذلك الوقت لم يعلموا ما هي الطابعة الدوت ميتركس، كانوا في حيرة من الأشياء.” وكذلك سيرجي، كان يحب الكمبيوتر، وخصوصا أنه كان يحب اللعب باستخدام كمبيوتر يسمى بالكمودور 64، بالإضافة لحبه للكمبيوتر كان يحب الرياضيات، حتى أنه كان يحاول تخطيئ المدرسين.
في سنة 1996 انتقل الطالبان لاري وسيرجي إلى مبنى جديد راقي بأربعة طوابق نقش عليه “علوم الكمبيوتر لوليام غيتس” (William Gates Computer Science)، حيث تبرغ بيل غيتيس صاحب شركة ميكروسوف بمبلغ قدره 6 مليون دولار لبناء هذا المبنى، في هذا المبنى أكمل الشابين نقاشاتهم في الكبيوتر والفلسفسة، وأي فكرة أخرى كانت تجول في خاطرهما، حتى أنهما في يوم من الأيام كانا يتناقشان بصوت عالي على إمكانية بناء مبنى بكامله من فاصوليا بيضاء، حتى أن أحد الطلبة استدار في كرسيه متوجها إليهما بقوله: “لابد أنكما تمزحان!” ولكنهما كما يقول البروفسيور راجيف موتواني (Rajeef Motwani): “كان كلاهما متألقا، إنهما من أكثر الطلبة ذكاءا. ولكنهما كان مختلفين”، حيث كان سيرجي علمي يحب معالجة الأمور كمهندس، وإن كان قويا في الرياضات، وكان قوي الشخصية ومندفع، بينما كان لاري يفكر بعمق، وكان يحب معرفة كيفية عمل الأشياء، وكان لديه طموحا لا نهاية له، وكانت سلوكياته أكثر تحفضا.
الفكرة
جامعة ستانفور كانت توفر تسهيلات مريحة ليعمل طلاب الدكتوراة في نشاطات تجارية مرتقبة النجاح باستخدام موراد الجامعة، ولذلك كانت الجامعة تهتم بتسجيل الحقوق الفكرية على حساب الجامعة، وتساعد في التسجيل بالإضافة إلى الدخول في اتفاقية تراخيص بحيث يمكن للطلبة ابتداء بالتجارة، وبذلك يعود ذلك بالربح على الجامعة من خلال أسهم تلك الشركة. ويقول رئيس الجامعة جون هينسي (John Hennesy): “لدينا بئية تشجع الأبجاث بروح المبادرة (التجارية) والمخاطرة، لديك بيئة تجعل الناس تفكر في طرق لعلاج مشاكل متطورة.”
بدأت الفكرة حينما أسس راجيف موتواني مجموعة لاستخلاص المعلومات باستخدام تنقيب المعلومات (Data Mining)، وسميت هذه المجموعة بـ “مايدس” (MIDAS)، وهو اختصار لـ Mining Data at Standford، وفي نفس الوقت كلمة Midas في علم الأساطير الإغريقية هو الملك الذي يحول كل شيء إلى ذهب بلمسته السحرية، وكانت الفكرة أن الإنترنت لم يكن منتظما والمعلومات التي فيه الوصول لها لم يكن بتلك السهولة والصحة، كانت هناك شركات للبحث على الإنترنت مثل ويب كرولر (Web Crawler)، ولايكوس (Lycos) وإكسايت (Excite)، وآلتافيستا (Altavista)، ولكنها كله لم تكن بتلك الكفاءة، وللتحسين من المعلومات التي يبحث عنها المستخدم قامت ياهو (Yahoo) بعمل دليل منسق بشكل شجري بحيث يتم تنسيق المواد على حسب الحروف الأبجدية (هذه كانت بداية الياهو)، وهذه الطريقة كانت تحتاج إلى بشر يقومون شخصيا بإدخال الصفحات وترتيبها بالشكل الصحيح، وذلك يحتاج إلى مجهود هائل حتى لو لم تكن شاملة لجميع المعلومات على الإنترنت، هذه الطريقة وفرت معلومات أدق على الأقل. شركة آلتافيستا كانت في المقابل تركز على الروابط (links) الموجودة على الصفحة لتحليل الفائدة منها، ولكن لا يبدو أنها استفادت بشكل كبير من هذه الروابط.
هنا بدأ لاري بيج بالتفكير في الطريقة التي يمكن بها إرجاع المعلومات حسب طلب المستخدم بشكل أدق، والفكرة كانت تتطلب أن ينزل الإنترنت بالكامل على الكمبيوتر، فخاطب المرشد بخطته لإنزال الإنترنت، فكرة سخيفة أليست كذلك، فكيف له أن ينزل الإنترنت بالكامل؟ حتى ربما في 1996 كان عدد الصفحات هائل إلى درجة لا يمكن إنزالها كلها بهذه السهولة، ولكن ذلك لم يثني لاري بيج من تنفيذ خطته هو وسيرجي برين، وبدأوا بإنزال الصفحات باستخدام برامج للكبيوتر، ومن هذه الصفحات قاموا بتشخيص الروابط المؤشرة إليها، هذه الروابط أصبحت المعيار الذي يحدد شعبية الصفحة بغض النظر عن جودة الصفحة، تخيل أن لديك أو مدونة الأكل الصحي، وهذه الصفحة أحبها الكثير من الناس، فقاموا بوضع روابط لها على صفحاتهم الخاصة لإعجابهم بالمواضيع التي تتحدث عنها، كلما ازداد عدد الروابط المؤشرة لمدونتك كلما كان لها أهمية عند الناس، باستخدام فكرة لاري والتي أسماها في ذلك الوقت (PageRank) – تيمنا باسم عائلته بيج – ستكون هذه المدونة مقدمة على الصفحات الأخرى، ويعني ذلك أنه حينما يبحث شخص عن التغذية الصحية ستظهر له هذه الصفحة أولا في البحث. بالإضافة إلى ذلك إذا وضعت أنت روابط لصفحات على مدونتك فإن هذه الروابط تعطي أهمية لتلك الصفحات، إذن حنيما يؤشر لك الكثير من الناس هذا يعطي صفحتك الترتيب الأول، وحينما أنت تؤشر إلى صفحات أخرى تعطي أنت أهمية لصفحات أخرى.
بعد أن تم إنشاء أداة البحث هذه وضعت الصفحة ليستخدمها طلبة جامعة ستانفورد وأسموا هذه الأداة باكرب (BackRub)، وبعد فترة من استخدام الموقع ونجاحه على مستوى الجامعة قرر الثانئي أن يغيروا الاسم إلى إسم أكثر جاذبية، بعد عدة مناقشات أقترح أحد الأشخاص كلمة جوجل بليكس (Googleplex)، وهذا الإسم يعني واحد وأمامة 100 صفر، أو 10^100، والفكرة أن الرقم الكبير يرمز إلى حجم المعلومات التي يتم البحث فيها من أداة البحث الجديدة هذه، بسرعة كبيرة قام الإثنان بستجيل الإسم على Google.com على الإنترنت، ولكن ما لم يلحظوه أن التهجئة للإسم كانت خاطئة، حيث أن التسمية لهذا الرقم الكبير تهجى بـ Googol وليس Google، مع ذلك حتى لو اختاروا الاسم الصحيح فالإسم تم شراؤه من قبل، بعدها قام سيرجي برسم الإسم على الصفحة برسمة بسيطة تتكون من الحروف جوجل وبألوان، بدأوا بنشر خبر أداة البحث كلاميا ومن خلال الإيميل.
لم يحتوي الموقع على رسومات سوى العنوان ولا أصوات ولا فلاش ولا التعقيدات الموجودة في الكثير من الصفحات التي تتأخر في الإنزال، والتي تضيع المستخدم فيها بحثا عن المكان الصحيح للقيام ما أتى له، زادت قائمة المستخدمين مع الوقت وازداد عدد المسخدمين لجوجل، ومع زيادة العدد اضطر الثنائي لزيادة عدد الكمبيوترات، واشتروا قطع الكمبيوتر بدلا من كمبيوترات كاملة، وذلك لتخفيف الأعباء المالية على أنفسهم، وقاموا بتركيبها شخصيا، وحتى أنهم كانوا يبحثون عن الكمبيوترات القديمة التي سترمى لاستخدامها للبحث، وقدم لهم المرشدين الأكاديميين مبلغ 10,000 دولار لدعم الشراء (من ميزانية مخصصة لهذه الأغراض).
في سنة 1998 جهز سيرجي ولاري عرضا لشركة آلتافيزتا عن بيجرانك (PageRank)، وكان الهدف هو بيع النظام لهم بمبلغ 1,000,000 دولار، ولكن رفضت آلتافيزتا شراء النظام لأن الشركة لا تحب الاعتماد على ناس من خارج الشركة، مع ذلك حاولا بيع النظام لعدد من الشركات مثل إكسايت، ولكن لم تفلح كل محاولاتهم، وانتقلوا بعدها لشركة ياهو، ورفضت ياهو العرض، فواحدة من أهداف الياهو هي أن يبقى الشخص على صفحات الياهو لأكبر قدر من الوقت للشراء وللقراءة والإيميل واللعب، أما تمكين المستخدم من البحث عن شيء والضغط عليه للانتقال إلى صفحة مختلفة لم تكن من ضمن الخطة، كل هذه المحاولات الفاشلة أغضبت لاري وسيرجي، ولكنهما بقيا متحمسين.
الإنطلاقة
أول انطلاقة لجوجل أنت من آندي بيكتولزهايم (Andy Bechtolsheim)، المعروف أنه مستثمر كبير جدا، وقد أستثمر في عدة شركات نجحت، فقد عمل مع شركة سيسكو (Cisco Systems) كنائب رئيس، وهو من مؤسسي شركة سن ميكروسيستمز (Sun Microsystems)، وغيرها من الشركات، وحينما سمع بموضوع الثنائي وعن الفكرة الجديدة للبحث اهتم في الموضوع، ولكنه كان متخوفا من الكيفية التي ستدخل بها شركة بحث أرباح، وخصوصا أن الشركات الأخرى كانت خاسرة، ولكن بعد أن فهم الموضوع بالكامل وفهم أهمية أداة البحث هذه قرر أن يشارك على أساس أن تقدم خدمة البحث للناس مجانا ولكن بإمكان جوجل الاستفادة من وضع الدعايات على الموقع، وهذه الفكرة لم تعجب سيرجي ولاري، خصوصا أنهما كانا متخوفين من أن تكون هذه الدعايات مخربة لنتائج البحث، مع ذلك كتب لهم شيكا بسرعة لشدة إعجابه بالفكرة، وكان المبلغ قدره 100,000 دولار ولم يتناقش معهم على أي مقابل لهذا المال، وكتب الشيك باسم Google Inc.، ولم تكن الشركة مؤسسة في ذلك الوقت بعد، فخبأ لاري الشيك في الدرج لمدة أسبوعين.
بعد أن أسسوا الشركة رسميا أودعوا الشيك في البنك، انطلقوا شدة الفرح لما قاموا به للاحتفال فذهبوا إلى بيرجر كنج (Burger King)، ولم يكفهم ذلك المبلغ، فقاموا بجمع المبالغ من الأهل والأصدقاء إلى أن وصل مجمل المبلغ إلى 1,000,000 دولار، وأخرجوا الكمبيوترات من الجامعة وأسأجروا كراجا في الخارج ووضعوا الأجهزة هناك، وزاد عدد المستخدمين أكثر وأكثر وعندها قرروا التوقف عن الدراسة حتى يتمكنوا من الدخول في المشروع بكامل وقتهم، وتركوا الجامعة سنة 1998.
بعد ذلك قاموا بتطوير البحث بشكل أكبر وقاموا بإدخال متغيرات أخرى بالإضافة للروابط حتى يحسنوا من البحث، فكان لموقع الكلمة عن كلمة أخرى في الصفحة أثر في البحث، وطورا الرياضيات المستخدمة للتنقيب في الصفحات، وأولوا الكمبيوترات والشبكة أيضا اهتماما كبيرا حيث أنها تحتاج أن تكبر بطريقة ذكية بحيث تستوعب الأعداد المتزايدة، بزيادة القدرة أصبحت جوجل تنزل 100 صفحة من الإنترت في الثانية الواحدة، ومع زيادة أعداد الكمبيوترات اضطرت جوجل الخروج من الكراج لعدم إمكان استيعاب العدد. ووصل عدد طلبات البحث إلى 100,000 يوميا، وكل هذا بلا دعاية واحدة لشركة غوغل، بل كانت تعتمد على البلاغ الشفهي الغير دعائي، وحتى أن مجلة البي سي (PC Magazine) كتبت عن جوجل أنها تصنف من ضمن أفضل 100 موقع وأداة بحث على الإنترنت، وهذا أيضا ساهم في انتشار الموقع، وازدادت طلبات البحث إلى 500,000 في اليوم الواحد.
وقاموا بعدها بالدعوة للعمل في جوجل وحفزوا الطلاب بأن من يعمل في جوجل سيحصل على أسهم في الشركة بالإضافة لعمله في مكان ممتع يقدم وجبات بلا مقابل وفيه تكنولوجيا رائعة، وقاموا بتوظيف أول شخص في جوجل وهو صديق لهم يدرس الدكتوراة معهم، ثم ازداد العدد إلى 8 أشخاص.
مع كل ذلك لم يعرف مؤسسي الشركة كيفية الاستفادة من البحث لإدرار المال عليها، ففي بداية الأمر كان الفكرة أن يتم تقديم خدمة البحث للشركات المختلفة على الإنترنت، ولكن واجهت لاري سيرجي مشكلة إقناع الشركات بأهمية البحث، ومع الوقت تضاءلت الـ 1,000,000 دولار التي جمعها الثنائي في البداية، وبدأت بالانتهاء إلى درجة أن استخدم كل من لاري وسيرجي بطاقات الإئتمان الشخصية لتغطية المشتريات، عندها دخل مستثمران آخران، وهما كلاينر بيركنز كوفيلد آند بايرز (Kleiner Perkins Caufield & Byers) و سكويا كابيتال (Sequoia Capital)، وكان الهدف من إدخال الشركتين في جوجل هو استقطاب أموالهم من غير يتحكم إحدى الشركتين فيها بحيث يكون الصراع بين هاتين الشركتين لمحاولة التحكم، وتظل القرارات بأيدي لاري بيج وسيرجي برين.
المشكلة الوحيدة التي ظلت تلاحق جوجل هي كيفية ربح الشركة من عملها، لم يكن هناك نموذج تجاري واضح (Business Model)، وهذا أكثر ما يخوف المستثمرين في ضخ الأموال في أي شركة جديدة. ولكن أعجب المستثمرين بأداة البحث الرائعة، أضف إلى ذلك شخصيتي لاري وسيرجي الصادقتين الذكيتين المتحمستين، ربما ربط المستثمرين هاتين الشخصيتين مع ستيف جوبز وستيف وازنياك مؤسسي شركة أبل، أو بيل غيتس وبول آلن في شركة ميكروسوفت، حيث كانا اثنان يشتركان في رؤية واحدة. ويقول موريتيز (Moritz) من سكويا كابيتل: “كانوا ثنائي بدرجة غير طبيعية من الذكاء، كان ذلك واضحا، في تجارتنا نقابل الكثير الكثير من الناس على مر الوقت، وبعد مرور الوقت يتطور لدينا الحس لمعرفة من هم الأشخاص الاستثنائيين، وذلك جزئيا يعود لما عملوه وما يعملونه حاليا، وجزئيا يعود إلى كيفية تعبيرهم عن أنفسهم، كان عندهم الشعور بالهدف، وهو متطلب أولي لكل متهور بما فيه الكفاية ليبدأ شركة، إنها تلك القناعة الحارقة التي تحتاجها للتغلب على العقبات التي لا مفر منها”
وأذكر في نفس السياق البرنامج البريطاني الشهير عرين التنين (Dragon’s Den) والذي يتقدم فيه الناس بأفكارهم الإبداعية لإنشاء شركات جديدة، فيقوم مجموعة من التاجر المليوينيرية بتقييم الفكرة من الناحية التجارية، ومن أساسيات قبولهم بالاستثمار في الفكرة هو أن تكون شخصية الشخص الذي يقابلونه لديها الاندفاع والصدق ولديها درجة من الذكاء والقدرة على توصيل الفكرة.
بعد الأخذ والعطاء والصراع والانسحاب الذي سبق القبول تقدمت كل من الشركتين بملغ 12.5 مليون دولار ليكون الإجمالي 25 مليون دولار، رقم هائل ولكن ليس من غير مقابل، الشرط الأساسي أن يدخل لاري وسيرجي أشخاص متخصصين في التجارة ليعملوا في الشركة، حتى يحولوا أداة البحث إلى تجارة رابحة، قبل الثنائي هذا الطلب، ولكنها كانوا متخوفين من أن يأتي شخص من الخارج ويسيطر على قرارات الشركة، وبدلا من القررات الشخصية تحت أيديهم تكون بيد هذا الشخص الجديد.
النقلة النوعية
لم تنتقل جوجل من مرحلة الفكرة الناجحة إلى الفكرة الناجحة المربحة حتى دخل إيريك شميت (Eric Schmidt) في الصورة، وأتذكر حينها لم يكن يرضى لاري وسيرجي بتعيين أشخاص كبيري السن، وكان إيريك يكبرهم سنا، ولكن كانت خبرته كبيرة، وبعد أن اقترح أحد المستثمرين على إيريك شميت أن يزور جوجل للتعرف عليهم ذهب إيريك إليهم ولم يكن يتصور أنه سيعمل معهم في الإدارة، وتوجه إلى الشركة مجاملة، حتى حينما تحدث معه جون دوير (John Doerr) من كلاينر بيركنز وقال له: “إذهب للتحدث مع جوجل” رد عليه بقوله: “لا أحد يبدي خراءا بالبحث”، فقال له: “إذهب وانظر إلى جوجل، إنها جوهرة تحتاج إلى مساعدة في التحجيم.”
وفي المقابل لم يكن ليهتم الثنائي في المقابلة أيضا، واعتبروها مضيعة للوقت، ولكنهما استجابا لطلب دوير، وارادا تطفيشه كما فعلوا في الذين قابلوهم من قبل، ولكن بعد المقابلة يبدو أنهم كانوا متفاعلين مع بعضهم البعض، والنقاشات كانت حامية، وكلا الطرفين استمتع بالمقابلة وبعد الضغط على جوجل قبلوا به، وإلا كانت شركة سيكويا ستطالب بـ 12.5 مليون دولار إن لم تنفذ رغبتها.
وبدأت جوجل العمل كشركة حقيقة، وبدأت التجارة تدار حول الفكرة، ولكن أحس شميت أنه يقوم بإعادة تركيب طائرة أثناء طيرانها، وبدأت الشركة بالدخول إلى السوق من عدة أبواب فمنها الدخول على شركة أميريكا أون لاين (America Online)، وهي شركة لديها 34 مليون مشترك ودخلت في شراكة مع محرك البحث آسك جيفز (Ask Jeeves)، وأدخلت جوجل الإعلانات على صفحاتها، وكانت الإعلانات ولا تزال بسيطة، فلا تحتوي على الصور ولا الفلاشات ولا اشياء معقدة من شأنها إعاقة البحث، وحسب دراسة قامت بها بيو (Pew Charitable Trust) فإن 62% من مستخدمي جوجل لم يعلموا بأن الدعايات التي وضعت على صفحات النتائج كانت دعايات، حيث أنها أولا كانت بلا صور ولا دلالة على أنها دعائية، وثانيا كانت هناك إشارة إلى أن الدعاية لم تكن دعاية بل هي رعاية.
وارتبطت كلمات البحث بالدعاية التي تظهر على الشاشة، وبذلك بدأت جوجل بتوفير سوق للكلمات، فحينما يريد مسوق أن تظهر دعاية معينة له، فإنه يشتري الكلمات التي إذا ما بحث فيها المستخدم تظهر دعايته، وكلما دفع أكثر للكلمة كلما كان ظهور الدعاية أكبر، أضف إلى ذلك أن ظهور الدعاية يعتمد على جودة الدعاية، فلو أن المستخدمين ضغطوا على دعاية معينة أكثر من غيرها فإنها أجود من غيرها، لذلك جودة الدعاية تعتمد على المستخدمين، بالإضافة فإن ارتباط الكلمة المبحوثة بالدعاية ايضا يضيف لجودة الدعاية، وحتى نوع الصفحة يؤثر على الدعاية. Youtube: Introduction to the Google Ad Auction [5]Youtube: Introduction to the Google Ad Auction
الاكتتاب العام
بالرغم من بساطة المعيشة التي كان ينعم بها بيج وسيرجي وبالرغم من عدم حبهم للبروز الإعلامي والظهور على أنهم سوبر أغنياء، وبالرغم من عدم حاجة الشركة لأموال خارجية لوفرة الأرباح، ولكن البداية التي ابتدؤا فيها الشركة من استلاف 100,000 دولار من بيكتولزهايم (Bechtolshiem)، وتجميع 1,000,000 دولار من الأصدقاء والأهل، بالإضافة إلى الـ 25,000,000 دولار كلها كانت ستؤدي بشكل لا مفر منه للاكتتاب العام في سنة 2004، في المحصلة النهائية كان لابد أن تعود هذه الاستلافات على أهلها بالنفع.
ولكن كعادة الثائي قرر الإثنين أن يبدأوا الاكتتاب العام على طريقتهم الخاصة وخصوصا أنهما أرادا وكالعادة الإبقاء على الحصة الأكبر في الشركة ليكون زمام الأمور والقرارات في الشركة لهم، ففتحوا المجال بشكل أكبر لمشاركة الجميع في شراء أسهمها، وفرضت بعض الشروط مثل أن تقرر الشركة الوقت التي ستعلن فيه الأرباح بدلا من المتعارف عليه كل ربع سنة، وكتبوا رسالة شخصية (مع بعض التعديلات للتخفيف من قوتها) ووضعوها على الإنترنت تبين موقف الشركة وخطتها العامة وطريقة عملها، وبالخصوص تكلمت عن مكانة سيرجي وبيج.
عندها اكتشف العالم المبالغ الهائلة التي تدخلها جوجل حيث أنها في النصف الأول من سنة 2004 أدخلت 1.4 مليار دولار، وكانت الأرباح لتلك المدة هي 143 مليون دولار، وكان هذا أكثر من ثلاث أضعاف السنة التي قبلها، وكان يعني ذلك أن الشركة في حالة تصاعد كبيرة، دخلت جوجل سوق الأسهم في للاكتتاب بقيمة 85$ وذلك بعد صراع طويل مع سيرجي ولاري في تحديد السعر، وبعد أن قبلا أن ينزل السعر من الحد الأقصى 135$ إلى85$، ولما فتح السوق وبدأت التحرك على الأسهم قفز سهم جوجل بسرعة هائلة إلى 100$، واصبحت القيمة السوقية لجوجل هي 23.1 مليار دولار، ولكن لم تتغير الصورة التي بدأ فيها لاري وسيرجي كثيرا حتى بعد المليارات، وحتى بعد أن وصل سعر السهم في يومنا هذا إلى 507 دولارات.
وفي سنة 2006 أدخلت جوجل 10.5 مليار دولار من الدعايات، وتوسعت جوجل اليوم لتشمل الكثير من المجالات التي لم تبدأ بها في البداية، فصنعت الكثير من البرامج المختلفة من جوجل إيرث (Google Earth) وبيكاسا (Picasa)، ونظام الترجمة، ودخلت سوق الهواتف المتنقلة بقوة، وأصبحت تنافس ميكروسوف بشراسة، ودخلت أيضا في صراع على المتصفح بمتصفحها جوجل كروم (Google Chrome)، واشترت اليوتيوب بـ 1.65 مليار دولار، وقامت بشراء شركة الدعاية دوبل كليك (Double Click) بقيمة 3.1 مليار دولار، بالإضافة لإنشاء مؤسسة خيرية جوجل.أورغ (Google.org) بصندوق إبتدائي بقيمة مليار دولار، والهدف منه رفع مستوى الوعي بالتغيير المناخي وبالفقر العالمي، وأيضا تهتم هذه المؤسسة بتطوير السيارات التي تعمل جزئيا على الكهرباء.
اعتمدت بشكل أساسي في المعلومات على The Google Story [6]The Google Story .