اتساع الكون والإنفجار العظيم
“الإطار التضخمي هو أهم وأكثر المساهمات ديمومة لعلم الفلك لهذا الجيل”
البروفسور براين جرين Brian Greene [1]Brian Greene
في كتابه نسيج الكون The Fabric of the Cosmos [2]The Fabric of the Cosmos
كتاب نسيج الكون أنصح بقراءته كثيرا كثيرا كثيرا، كتاب رائع يتدرج في الفيزياء من نظريات نيوتن إلى أحدث النظريات مثل نظرية الأوتار أو نظرية الخيوط String Theory [3]String Theory
المجرات تتباعد
حنيما اكتشف آينشتين النظرية النسبية العام أدرك أن الكون غير ثابت كما كان رائجا في ذلك الوقت، وبينت نظريته أن الكون في حالة اتساع، فلم يتقبل أن تكون المعادلة صحيحة. فقام بتصحيحها بإضافة الثابت الكوني لمعادلته ليضمن أن تكون نتائج المعادلة متوافقة مع ثبوت الكون، ولم يعدل على هذه المعادلة ويلغي الثابت الكوني إلا حينما اكتشف أن الكون في حالة اتساع (مع إنه أرجع الآن بدرجة مختلفة، ولكنه لفترة طويلة ألغي من المعادلة)، وقال أن إضافته للثابت الكوني كان “أكبر الأخطاء” في حياته.
لا تنسى أن تدعم السايوير بودكاست من خلال Patreon، كن مع الداعمين.
Become a Patron!
إدوين هبل Edwin Hubble [4]Edwin Hubble اكتشف مجرات خارج مجرتنا، حيث كان الرأي السائد أن الكون كله يتكون من مجرتنا فقط.. (مجرة درب التبانة أو درب اللبنانة، اسم “درب التبانة” [5]درب التبانة جاء من تشبيه عربي، حيث رأى العرب أن ما يسقط من التبن الذي كانت تحمله مواشيهم كان يظهر أثره على الأرض كأذرع ملتوية تشبه أذرع المجرة). وبمساعدة ميلتون هيومسن حينما كانا يعملان في مرصد مونت ويلسون في كاليفورنيا لاحظا حركة النجوم والمجرات، ومنها عرف اتساع الكون بسبب تأثير الدوبلر Doppler Effect [6]Doppler Effect .. وأنت تعرف الفكرة، وبالتأكيد مررت بهذه التجربة، لنسمع الصوت التالي، حينما تقترب سيارة منك وأنت على حافة الشارع، ستسمع صوتا حادا، وحينما يبتعد الصوت فستسمع صوتا منخفض التردد، وهذا هو تأثير الدوبلر. بالنسبة للنجوم والمجرات فالضوء ينطلق منها أثناء ابتعادها أو اقترابها، فحينما تبتعد المجرات فإن الضوء الذي يصل إلينا منها تكون إزاحته حمراء إن صح التعبير – الإزاحة الحمراء [7]الإزاحة الحمراء Red shift، وحينما تقترب تكون إزاحته زرقاء (Blue shift). وقد لاحظ هبل أنه معظم المجرات إزاحتها حمراء، وهذا يعني أن المجرات تبتعتد عن بعضها البعض، وكلما كانت المجرات أبعد كلما كانت المجرات تبتعد بشكل أكبر، لدرجة أن سرعة بعض المجرات ابتعادا عن مجرتنا تصل إلى 200 مليون كيلو متر في الساعة (عشرون بالمئة من سرعة الضوء، واو). فإذا كانت الأشياء تبتعد منا فهي كانت قريبة يوما ما. (ملاحظة أن هبل لم يكن أول من اكتشف الإزاحة الحمراء). هذا الاكتشاف أعطى دفعة كبيرة لنظرية اتساع الكون. وإذا كان الكون في حالة اتساع كلما تقدم الوقت، فلابد أن يكون الكون في حالة انكماش كلما رجعنا إلى الوراء.
اتساع الكون والإنفجار العظيم
كانت النظرية الأولى للكون تقول أنه لم تكن للكون بداية أو نهاية (نظرية الحالة المستقرة أو Steady State)، هو كما هو.. والأخرى هي نظرية الإنفجار العظيم. أعطي الفضل لتسمية البداية الكونية هذه للعالم الفلكي فرد هويل Fred Hoyle [8]Fred Hoyle حينما قالها أول مرة في مقابلة راديو حيث كان رافضا لهذه النظرية (وقد قدمت سي إن إن قبل عدة سنوات جائزة لأفضل إسم بديل للإنفجار العظيم، بسبب المعاني التي تعنيها كلمة الإنفجار حيث أن الإنفجار له صوت، ومنها أنه كلمة “بانج” في اللهجة الإمريكية لها معنى جنسي، ولكن الإسم ظل عالقا)، الفكرة الأولى كان يدعمها فرد هويل بشكل كبير، وكان رافضا بشكل قطعي أن يكون الكون له بداية، وحتى بعدما اكتشفت ابتعاد المجرات عن بعضها فسرها بطريقته الخاصة، ولكن لم تلق نظرية الإنفجار العظيم رواجا كبيرا إلى بعدما اكتشفت الإشعاعات الخلفية الكونية الميكروية Cosmic microwave background ratiation [9]Cosmic microwave background ratiation
وتقول هذه الفكرة أنه حينما كان الكون صغيرا في السن وقبل تكوّن النجوم والمجرات كان معتما كثيفا بسبب الإشعاعات الصادرة من بلازما الهيدروجين (ضبابي)، ولكن مع مرور الوقت واتساع الكون تفرقت هذه الأشعة في الكون، واصبح الكون شفافا، كما لو نفخت بالونه وعبأتها بالدخان الكثيف بحيث لا يرى خلالها، بعد ذلك مددت البالونة ستلاحظ أن الدخان تقل كثافته، وستكون الشفافية أكبر، وبرد الكون بما فيه الكفاية لتتكون الذرات، ولم تستطع الذرات امتصاص الأشعة فبقيت في الكون، وكمية هذه الإشعاعات وحرارتها وانتشارها في الكون معروفة نظريا وتدعمها الملاحظة والاختبارات، وهي الدالة على اتساع الكون، ولا يوجد نموذج أفضل من نظرية الإنفجار العظيم ليفسر هذه الإشعاعات. وبسبب هذا الاكتشاف والذي تم بالصدفة حصل العالمين أرنو بنزياس وروبرت ويلسون على جائزة النوبل.
كان الكون كله بما فيه من مواد وفراغ في جزء أصغر من الذرة، كيف تكونت المجرات والنجوم من هذه النقطة الصغيرة؟ تخيل أنك تضغط الأرض إلى نقطة صغيرة جدا، إذا لم تستطع أن تتخيل الأرض مضغوطة فكيف إذن بالكون؟ وماذا تقول لضغط كواكب ونجوم ومجرات في نقطة؟ في البداية، وقبل 13.5 إلى 14 مليار سنة، لم يكن الكون كله سوى نقطة أولية حارة صغير كثيفة جدا جدا، فدفعت الجاذبية محتويات هذه النقطة بقوة لا تضاهيها أي قوة نعرفها اليوم، وفي 0.00000000000000000000000000000000001 من الثانية ( ثانية) اتسع الكون بشكل هائل من قوة الدفع (ولذلك يقال إنفجار)، مثل ذلك ديفيد جرين في كتابه نسيج الكون بمثال الدي إن إي، فيقول أنه لو أخذنا جزيء من الدي إن إي وكبرناه بنفس الحجم الذي كبر فيه الكون في تلك اللحظة، لأصبح بحجم مجرة (هائل!!!). فتجمعت الذرات لتكون كتلا من نجوم وكواكب ومجرات ومجاميع للمجرات، وفي الوقت الحالي ما نستطيع أن نراه من الكون لا يكاد يكون شيء بالنسبة للكون كله، فلو أننا كان حجم الكون كله بحجم الكرة الأرضية لكان ما نراه بحجم حبيبة رمل، وهنا لا يقول جرين أن حبة الرمل هي ما نحن فيه، بل إن حبة الرمل هذه ترمز إلى ما نراه بالمراصد ككل حتى لأبعد المجرات (واو!!).
ملاحظة: المعروف أن الجاذبية هي قوة جاذبة كما يوحي الإسم، ولكن في بداية الكون كانت الجاذبية هي القوة النافرة أو الدافعة لهذا الكون.
المواد في الفضاء
من أين أتت المواد في الفضاء؟ المواد التي نعرفها تتكون من ذرات وهذه الذارت تتكون من إلكترونات وبروتونات ونيترونات، فحتى الذرات التي كونت الكتل المختلفة من أين أتت؟ حينما كان الكون صغيرا كان هناك الضوء، (والمقصود بالضوء هنا الأشعة الكهرومغناطيسية بشكل عام)، والضوء عبارة عن فوتونات، وحينما تكون للفوتونات طاقة بما فيه الكفاية فإنها تنحل إلى جسيم وجسيم مضاد، مثلا إلكترون وإلكترون مضاد (البوزيترون)، أشعة الجاما (Gama rays) حينما تنحل تنتج إلكترون وإلكترون مضاد، وفي البداية حينما كانت الفتونات موجودة بطاقتها العالية تحللت إلى بروتونات أيضا والتي تعتبر أكبر من الإكترونات بكثير، فالتحمت الإلكترونات مع البروتونات والنيترونات لتصبح ذارت، والذرات التحمت لتصبح باقي المواد.
الأخطاء الشائعة للنظريتين
نظرية الإنفجار الكبير لا تخبرنا شيئا عن بداية الكون، أو نقطة الصفر، النظرية تصف اللحظات أو الأجزاء من الثانية التي تلي تلك اللحظة، فمن أين أتت النقطة؟ هناك نظريات، ولكن نظرية الإنفجار العظيم لا تشتمل على هذا الموضوع.
من الأخطاء الشائعة عن نظرية الإنفجار العظيم أن النقطة التي انفجرت كانت في فضاء ثم انفجرت فيه وتكونت المجرات، والحقيقة أن النقطة هذه كانت تحتوي على الكون كله بما فيه من فضاء، (من الممكن أن تسأل ماذا يوجد خارج النقطة أو خارج الكون، الحقيقة أنه لا يوجد شيء اسمه خارج هذه النقطة أو خارج الكون) اتساع الكون هو الذي يوسع الفضاء الذي فيه، فالمجرات تتحرك ولكن ببطئ والشيء الذي يباعد بين المجرات بشكل كبير وسريع هو تمدد المسافات بينهما، مثال على ذلك لو رسمت على طرفي مطاط نقطتين، ومددت المطاط ستتباعد النقطتان عن بعضهما، وإن لم تتحركان من مكانهما، مثال آخر على ذلك لو لو عجنت كعكة كروية، وأدخلت فيها حبات من الكاوكاو، ووضعت هذه الكعكة في الفرن، ستتمدد هذه الكعكة وتنتفخ، وستتباعد المسافات بين حبات الكاوكاو، ربما هذا مثال أفضل من مثال المطاط.
والشيء الأخر الذي يحتويه الكون هو الوقت فمن غير الفضاء لا يوجد وقت، ولذلك العلماء يسمون كل ذلك فضاوقت (فضاء – وقت). ستيفن هوكنج (Stephen Hawking) وروجر بنروز (Roger Penrose) اقترحوا نظرية Singularity المصدر 1 [10]Big Bang Theory والتي تضع الكون كله بما فيه من فضاء ووقت في نقطة صغيرة. أي أن النقطة لم تبدأ في فضاء، ولكن النقطة كانت تحتوي على الفضاء. وقبل هذه النقطة لم يكن هناك لا فضاء ولا وقت.
والكون ليست له حدود أو نهاية بحيث إذا اتجهت في مركبة فضائية إلى الأطراف لاصطدمت في حائط مثلا. في السابق، فمثلا، كان البشر يعتقدون أن للأرض حافة، وإذا ما وصلت للحافة قد تسقط، ولكن مع السفر والعلم الكل يعلم أن الأرض ليست لها نهاية أو حافة أو حدود، إنما هي كروية ومهما مشيت فإنك لن تصطدم بحائط نهائي أو تقع من جرف، هكذا تقول بعض النظريات أن الكون ليست له حدود ولا حافة.
(+++ نزل صوته)
مصادم الهدرونات الكبير Large Hadron Collider [11]Large Hadron Collider
ما علاقة هذا المصادر الذري الكبير بالكون وبداياته؟ شاهد الفيديو الرائع من تيد TED لتتعرف على بعض المعلومات.
ما هي النظريات الأخرى الموجودة البديلة لنظرية الإنفجار الكبير؟ هناك نظريات بديلة لنظرية الإنفجار العظيم، وهناك أيضا نظريات تتكلم عن نهاية الكون، ولكن لا مجال لذكرها الأن في البودكاست، فتكفي أن تظل هذه الأفكار العظمية في ذهنك لفترة أطول، حتى تأخذ حقها من التفكر والتدبر والتأمل.
مواقع تستحق الزيارة
موقع رائع عن الفلك: http://curious.astro.cornell.edu/cosmology.php
موقع التلسكوب هبل وفيه الصور الرائعة الجملية المثيرة للكواكب والمجرات والسدم: http://hubblesite.org/
المستجدات العلمية والتكنولوجية
+ حمامة توصل 4 غيغا بايت من المعلومات أسرع من الإنترنت [12]SA pigeon ‘faster than broadband’ تجربة أقيمت في جنوب أفريقيا لمقارنة سرعة نقل المعلومات على الإنترنت باستخدام ADSL مع حمامة تحمل ذاكرة إصبعية (USB Drive) بنفس القدر من المعلومات، فأوصلت الحمامة المعلومات إلى الطرف الآخر خلال ساعتين (مسافة 60 ميلا) بينما وصلت 4% من المعلومات في نفس الوقت عن طريق أكبر شركة إنترنت هناك.
+ هاكر تمكن من طبع مفتاح بلاستيكي باستخدام طابعة ثلاثية الأبعاد يمكنه فتح (حديدة الشرطة لتكبيل اليديدين) [13]Working handcuff keys printed on a 3D printer ، ولم يكن أي مفتاح بل كان المفتاح الرسمي للشرطة الهولندية.
+ دين كيمن مخترع السيجوي تمكن من اختراع فلتر لتصفية المياه وسماها (Slingshot)، وهو جهاز صغير بالمقارنة مع الأجهزة الكبيرة التي تصفي الماء، والهدف هو تصفية الماء للدول النامية.
+ شركة باناسونيك تطور مصابيح ضوئية تعمر 19 سنة وسميت بـ: EVERLED، وستبدأ ببيع هذه المصابيح في اليابان الشهر المقبل (أكتوبر)
+ وفي أغرب خبر على الإطلاق، إمراة عجوز فقدت بصرها لتسع سنوات بمرض جرح قرنية العين، فأعاد الأطباء بصراها برزاعة ضرس من أضراسها في عينها. فنزع الضرس من الفم، وحفرت فيه حفرة ووضعت عدسة ورزعت في العين.
المصادر