علمفلكفيزياءمستقبلمقابلات

SW117 مقابلة مع العالم الفيزيائي كيب ثورن -عربي

مقابلة مع العالم الفيزيائي كيب ثورن -عربي

مقدمة المقابلة الإنجليزية

أهلا وسهلا بكم في حلقة جديدة من السايوير بودكاست، حلقة اليوم هي مميزة جدا، فقد قابلت العالم الكبير كيب ثورن، والذي أعد الجانب العلمي وكان المنتج التنفيدي لفيلم انترستلر، والأهم هو أنه من مؤسسي لايغو والذي اكتشف الموجات الجاذبية مؤخرا، ستكون المقابلة باللغة الإنجليزية أولا، ثم سأسرد الترجمة باللغة العربية للمقابلة.

المقابلة المترجمة إلى اللغة العربية

اليوم لدينا ضيف متميز: كيب ثورن، بروفيسور في الفيزياء النظرية في جامعة كال تيك، وهو المؤسس المشارك في إنشاء مشروع لايغو، والمنتج التنفيذي للفيلم إنترستلر، وهو أيضا مؤلف لعدة كتب في الفيزياء والجاذبية والثقوب السوداء وما شابه، واحدة من هذه الكتب هو: “علم إنترستلر.”

لا تنسى أن تدعم السايوير بودكاست من خلال Patreon، كن مع الداعمين.
Become a Patron!

محمد: بروفيسور ثورن، أهلا بك في السايوير بودكاست.

كيب ثورن: شكرا لك، عظيم أني معكم.

محمد: من العظيم أن موجود معنا على البرنامج، أولا، مبروك على اكتشاف الموجات الجاذبية، هل من الممكن أن توجز لنا بعض المعلومات عن الخبر؟

كيب ثورن: الموجات الجاذبية هي تموجات في نسيج الفضاوقت، والتي تنتج من أشياء مثل تصادم الثقوب السوداء وولادة الكون، لقد تنبأ بها آلبرت آينشتاين قبل مئة عام، وقد حاول الفيزيائيون على مدى 50 عاما للكشف عنها، ومن ثم استخدامها لاكتشاف الكون، الفريق الذي أنتمي له في لايغو (أنا مؤسس مشارك في إنشاء لايغو) أخيرا اكتشف أول موجات جاذبية، وذلك بعد عشرات السنوات من التجهيز من العمل المضني، هذا فريق مكون من 1000 شخص، لقد كنت مشاركا في التأسيس، ولكني لست مشاركا بعمق في هذا العمل في السنوات العشر الماضية.

اكتشفنا الموجات الجاذبية من ثقبين أسودين تصادما في عمق الكون (1.3 مليار سنة ضوئية).

محمد: ما هو الفرق بين الجاذبية والموجات الجاذبية؟

كيب ثورن: في الكهرومغناطيسية، لديك مجال كهربائي، ولديك مجال مغناطيسي، وكذلك لديك موجات كهرومغناطيسية، وهي تشتمل على الضوء والموجات الراديوية وأشعة إكس، إذن هناك هذه الجوانب الثلاث المختلفة للمجال الكهرومغناطيسي، وبالمثل فإن للجاذبية هناك عدة جوانب مختلفة، هناك الجذب الجاذبي (الذي يجذبنا لسطح الأرض)، وهناك شيء يماثل المجال المغناطيسي، وهو المُنتَج من دوران الأرض، وهو يكون سحبا للفضاء حركيا حولها، بشكل طفيف جدا، وهناك الموجات الجاذبية، الجانب الموجي، وهذا ما اكتشفناه، وهو يماثل اكتشاف الضوء نوعا ما.

محمد: ما هو الشيء الذي يتموج؟ نحن نعلم أن الضوء لا يحتاج إلى وسط للتحرك، هل هذا ينطبق على الموجات الجاذبية أو أنها تستخدم وسطا للسفر من خلاله؟

كيب ثورن: إنه شبيه في الضوء، لا يحتاج لوسط، ولكن هناك فرق، وهو أن الضوء، هو شيء يسير في الفراغ (تذبذات الموجات الكهرومغناطيسية التي تسافر عبر الفراغ)، الموجات الجاذبية هي ذبذبات في نسيج الفضاء والوقت، وهذا يختلف عن الضوء حيث يسير في خلال الفضاء والوقت.

محمد: إذا كان كذلك، إن كانت متشابه نوعا ما مع الضوء، هل تنحني مع الفضاوقت، فإذا مرت على ثقب أسود على سبيل المثال، فهل تنحني حولها كما في حالة الضوء؟

كيب ثورن: نعم، إنها تفعل ذلك كما يفعل الضوء، إنها تتصرف كالضوء من هذا الناحية، فتردداتها تتحرك إذا أنتجت بجانب ثقب أسود، وحينما تفلت من جاذبية الثقب الأسود فإن ترددتها تحركت ناحية الأحمر، أو بعبارة أخرى طولها الموجي يزداد، وهذه هي نفس الطريقة التي يتصرف فيها الضوء.

محمد: عفوا، بالنسبة لهذا الاكتشاف بالذات، هل لاحظتم أن هناك تحرك الموجات الجاذبية؟

كيب ثورن: هناك تحرك يعود لتوسع الكون، هذه الموجات تكونت منذ القدم، رحلت عبر الكون، والكون يتسع، ولذلك الطول الموجي للموجات التي نراها هي أطول قليلا من طول الموجات من حيث انطلقت.

محمد: نحن ندرك أن الموجات الجاذبية أتت من ثقبين أسودين، كيف استطعتم معرفة أنها فعلا كانت بسبب ثقبين أسودين؟ لماذا لم يكن من مثلا نجمان ثنائيان أو ثقب أسود واحد يدور حول نفسه.

كيب: ما يتم ملاحظته هو تردد في شكل الفضاء، وهناك شكل موجي مماثلة للترددات، نحن نستخدم مصطلح شكل موجي، والشكل الموجي يتطابق تماما، وهو الشكل الذي تم النبؤ به حينما يصطدم ثقبان أسودان، ثقبان يعدلان تقريبا 30 مرة كتلة الشمس، ونحن نقارن شكل الترداد مع الأشكال التي تُنبئ بها من خلال نمذجة الكمبيوتر، والتي تحل قوانين آينشتان النسبية، ثم نحصل على تطابق تام وجميل، ونستنتج أنه لابد أنهما ثقبان أسودان، ونستطيع أن نعرف كم كلتهما، وكم يبعدان في الكون.

محمد: نعم يأتي بي إلى السؤال الذي مررت عليه، وهو المسافة، هل المسافة بيننا قيست باستخدام التثليث، أو أن هناك طريقة أخرى لمعرفة ذلك؟

كيب: المسافة تقاس مباشرة، بمجرد أن نرى شكل الموجات، وكيف تتغير مع الوقت، نستطيع أن نستنتج كتل الثقوب السوداء، أحدهما هو 29 مرة كتلة الشمس، والآخر هو 36 مرة كتلة الشمس، ومن معرفتنا لذلك يمكننا معرفة قوة الموجات عند مصدرها، ونرى قوة الموجات حينما تصل إلى الأرض، ومن خلال معرفة انخفاض شدة الموجة بعد سفرها، نستطيع أن نعرف المسافة إلى المصدر، لذلك فالنتائج تأتي مباشرة من الموجات الملاحظة.

محمد: ماذا لو أنها كانت ثقوب سوداء بكتلة أكبر ولكنها على مسافة أطول، لماذا لا يكون هذا هو السبب.

كيب: لأنه لو كانت ثقوبا أكثر كتلة، فإن المعدل الذي تتغير فيه ترددات الموجات الجاذبية سيكون أسرع، ومن خلال النظر إلى معدل تغير الذبذبات نستنتج أنهما ليسا ثقبان أسودان يزنان 300 مرة كتلة الشمس، ولكنهما يعادلان 30 مرة كتلة الشمس.

محمد: رائع! كم مرة تتوقع ترى مثل هذه التصادمات أو النجوم النيوترونية؟

كيب: من المفروض أن نعلم ذلك بشكل أفضل في الأشهر القادمة، حينما ننتهي من تحليل المعلومات الحالية، لقد لاحظنا مصدرين من هذا النوع في المعلومات، والتي تم تحليلها ونشرها، واحدة منها كانت قوية، والثانية قد تكون لموجات جاذبية أو ربما سببها التشويش، من هذا بإمكاننا التخمين بأننا ربما سنرى عدة منها في السنة. ولكن كما ذكرت، بعد أن ننتهي من تحليل أربعة من أشهر من المعلومات التي جمعناها، سنعرف الإجابة بدقة أكبر، ولكن تقريبا، بضع في السنة (هذا هو تصريح حذر في المرحلة الحالية).

محمد: لاحظت في بعض مقابلاتك أنك ذكرت أنه ستكون هناك مفاجآت، أعلم أنه لن تكون مفاجأة لو علمناها مسبقا، سؤالي هو: هل هناك نظريات في الفيزياء والتي تنتظر أن تكتشف الموجات الجاذبية حتى تعطي نتائج مثيرة بالنسبة لنا، أو قد تكون مفاجئة على سبيل المثال؟

كيب: كما ذكرت، إن كانت هذه هي مفاجآت حقيقية فلن نستطيع أن نتنبأ بها، ولكن هناك أشياء في الوسط، مثالا جيدا على ذلك هو أنه هناك سبب يجعلنا نعتقد في بداية الكون حينما كان تحت تأثير ما يسمى بالتضخم، وهو التوسع الكوني السريع المبكر، هناك أسباب تجعلنا نعتقد أن بضع الأوتار الأولية، والتي يعتقد أن المواد كلها تتكون منها تمددت بأحجام كونية، لتكون ما يسمى بالأوتار الكونية، وهذه الأوتار الكونية تمتد على امتداد الكون (حينما كان الكون صغيرا حينها)، تصادموا مع بعضهم، وحينما تصادموا كونوا نتوءات (حزم حادة)، وهذه النتوءات عبرت على الأوتار بسرعة الضوء، وكونت موجات جاذبية، وهذا توقع، ولكنه ليس تنبؤ جازم، وهذه الموجات الجاذبية من الأوتار الكونية يبحث عنها لايغو، وقد تم التنبؤ بشكل هذه المواجات بدقة، إن رأى لايغو موجات جاذبية بهذا الشكل سيكون ذلك رائعا، وسيكون أول ملاحظة أو اختبار لنظرية الأوتار، ولو أنه لن يكون اختبارا قويا، من حيث أن هذه التنبؤات التي تأتي منها الأوتار الكونية التي تضخم الأوتار أولية هي ليست تنبؤات صلبة، ومع ذلك لو أنها شوهدت ستكون مهمة جدا. هذا مثال على مفاجأة، لن تكون مفاجأة كاملة لأن هناك تنبؤا فيها، ولكنها ستكون اكتشافا كبيرا.

محمد: سأكون متشوقا لسماع هذه الأخبار. نحن نعلم أن آينشتاين لديه تنبؤات كثيرة من النظرية النسبية العامة، أتساءل إن كان هذا هو أخر تنبؤ له نتيجة لهذه النظرية، النظرية النسبية العامة.

كيب: هنا العديد من التنبؤات التي تأتي من النظرية النسبية العامة، ولكن من تلك التي قام بها آنيشتاين بنفسه فهي بالتأكيد الأخيرو من تنبؤاته الشهيرة، أعتقد لو أننا بحثنا في كتاباته لوجدنا شيئا آخر، ولكن هذا هو آخر تنبؤاته الشهيرة.

محمد: لنتوجه للايغو، أنا قرأت على الإنترنت أنك علقت خارج مكتبك ورقة متعلقة برهان بينك وبين البروفيسور بيرتوتي، كنت تعتقد أن الموجات الجاذبية سوف تكتشف بشهر مايو سنة 1988، المثير أنه لاكتشاف هذه الموجات كنت ستحتاج لمثل اللايغو، ماذا جعلك تعتقد أن الاكتشاف كان ممكنا حينها؟

كيب: لقد نسيت متى بالضبط تراهنا، ربما كان في بدايات منتصف السبعينات، حينما كنت في سير عملية التخطيط للجيل التالي من الكواشف للموجات الجاذبية، وفي حينها لم أكن أعلم بصعوبة هذا الأمر، ولم نكن قد خططا بعد لمشروع اللايغو والذي انتهى به المطاف بنجاح عظيم، فكان الرهان مبني على كل الجهود التي بذلت في تلك المرحلة في السبعينات، وكان ذلك تخمينا للفترة التي سننجح، وفي منتصف الثمانينات، وقبل هذا أن تكتمل مدة الرهان، فهمنا بوضوح أكبر ما كان المطلوب، وبوضوح أكبر كم هو صعب.

محمد: فهمي هو أن اللايغو يستطيع أن يتكشف حجم معين من الثقوب السوداء والنجوم النيوترونية، لا أتذكر الرقم تحديدا، سمعت ذلك في مكان ما على الإنترنت من خلال مؤتمر، ما هو الحجم الأقصى الذي يمكن التنبؤ به؟

كيب: ذلك يعتمد على سرعة دوران الثقوب السوداء، لايغو يستطيع أن يلحظ النجوم النيوترونية إن كانت تدور بسرعة كافية، النجوم النيوترونية هي من ضمن حزمة الترددات التي يلتقطها لايغو، أما الثقوب السوداء، فهي بقدر عدة مئات من المرات بكتلة الشمس، ستكون من ضمن حزمة ترددات اللايغو.

محمد: إذن إن كانت أكبر لن يمكن الكشف عنها، هل ذلك صحيح؟

كيب: ليس عن طريق اللايغو، لأن الثقوب السوداء تتصادم وتندمج، بحيث تطلق موجات جاذبية تكون ترددتها أقل من قدرة لايغو للكشف عنها، سنحتاج لكاشفات من نوع مختلف لثقوب سوداء أثقل بكثير من عدة مرات أكبر كتلة من الشمس.

محمد: ولذلك قد تحتاج لشيء بأذرع أطول أليس كذلك؟

كيب: ذلك صحيح.

محمد: هل بالإمكان تصغيرها؟ هل بالإمكان تصغير لايغو بحيث يبقي على قدرته للكشف عن الموجات الجاذبية؟

كيب: ليس باستخدام التكنولوجيا الحالية. كلما كان الكاشف أكبر كلما كانت الحساسية أكبر، وإن صنعته أصغر من اللايغو سيفقد الحاسيسة بدرجة أنه لن تكون هناك فرصة لرؤية الموجات.

محمد: لدي سؤال آخر، وقد يبدو أنه سخيفا، ولكني سأسأله رغما عن ذلك، نحن نعلم أن الموجات قادمة، وهي تمدد الفضاء والأرض ولايغو، لماذا لم يتمدد وينكمش الضوء بحيث لا ترى ذلك الفرق في التداخل الموجي (للضوء)؟

كيب: حينما تنظر بعناية إلى كيفية تصميم لايغو، ستجد أنك تسلط أضواء جديدة في لايغو، أنت تقيس الفاصل بين الكتل (نسميهما أطوال الأذرع)، ستكون هناك لحظة مكونة من مجموعة من الضوء، وفي لحظة أخرى مجموعة أخرى من الضوء، لو أنك كنت تستخدم نفس الضوء طوال المدة فإنه سوف يتمدد وينكمش، وستفقد الكثير من الحساسية، ولكنك لا تفعل ذلك، أنت تستخدم ضوء جديدا باستمرار.

محمد: أريد أن أنتقل إلى إنترستلر، ولكن قبل ذلك وبما أننا في المنطقة الرمادية بين العلم والخيال العلمي، دعني أسأل السؤال التالي، هل من الممكن أن تستخدم الموجات الجاذبية (ربما سيكون ما سأقوله خيالي علمي) كوسيلة للاتصال؟

كيب: بالتأكيد ليس خلال بعض المئات من السنوات القادمة عن طريق البشر، سيكون ذلك صعبا جدا، من الممكن تصور حضارة متطور جدا جدا تقوم بذلك، ولكن بالتأكيد لن يكون ذلك نحن، لا في حياتي ولا حياة أحفادي.

محمد: جيد، هذه هي نقلة جيد إلى فيلم إنترستلر، لقد تكلمت مسبقا في البودكاست الثقوب السوداء وكذلك أعطيت مقدمة عامة عن الثقوب السوداء، لم أتكلم عن تجربة لايغو وعلاقة بغارغاتشوا، هل اكتشف غارغانتشوا عن طريق لايغو؟

كيب: في فيلم انترستلر لم تكن هناك موجات جاذبية، ولذلك لايغو لا يكتشف شيئا في انترستلر، في فترة التطوير لقصة انترستلر مبكرا، أثناء تطوير السيناريو الذي كان يكتب عن طريق جوناثان نولان المسودات الثلاث الأولى للسيناريو، وبعد ذلك عن طريق أخوه المخرج كريستوفر نولان المسودة النهائية، في نسخة جوناثان نولان (كما شرحت في كتابي، علم الفيلم أنترستلر)، لقد كان لدينا ثقبا دويديا وهو الذي اكشتف عن طريق لايغو، ولكن ليس الثقب الأسود، ثم أزيلت من الفيلم في النسخة النهائية.

محمد: كنت أعتقد أنه لايغو، لقد قرأت كتابك مرتين أو ثلاث.

كيب: نعم… نعم، لقد قام اللايغو… كما ذكرت في النسخ الأولية من السيناريو، أن اللايغو اكتشف الثقب الدودي، ولكنه لم يكشتف الثقب الأسود غارغانتشوا.

محمد: لننتقل إلى غارغانشتوا، خلال المؤتمر الذي أقمتموه المؤتمر الصحفي، قال ديفيد رايتزي أن النمذجة للثقوب السوداء وهي تندمج كانت قريبة من… (أنا أعلم أنه كان مازحا، ولكنه ربما لم يوفق في ذلك)، قال أن النمذجة كانت أقرب للحقيقة من النمذجة التي قمت بها في هوليود، ما الذي يحدث هنا؟ هل كانت النمذجة التي قاموا بها تبدو هكذا لأن الثقوب السوداء كانت أصغر، بينما كان غارغانتشوا ذلك الثقب الأسود الهائل بحيث استطاع أن يلوي الضوء حوله عدة مرات لكي ترى الغلاف الناري؟

كيب: لا أتذكر قول ديفيد رايتزي هذا الشيء، لأذكر لك الحقائق، النمذجة التي عرضت في المؤتمر الصحفي أعدت من فريق أعمل معهم في جامعة كال تيك، والمؤسسة الكندي للفيزياء الكونية، كانا مشتركين في نمذجة هذين الثقبين الأسودين، وكانت هذه النمجذة هي لثقبين أسودين الذين لوحظا عن طريق لايغو أثناء رحلتهما حول بعض، ثم اصطدما واندمجا، صنعت النمذجة عن طريقة حل معادلات انتشار الضوء حول الثقب الأسود، حل لمعادلات آينشتاين، وهذا بالضبط ما قام به الفريق الآخر الذي عملت معه بالضبط على انترستلر لانتاج صوره لغارغانتشوا، وذلك عن طريق نشر الضوء حول الثقب الأسود باستخدام قوانين آينشتين، لذلك ليس هناك أي فارق من ناحية الدقة من هذه الناحية، الفرق الكبير هو أن الثقبان الأسودان اللذان اكتشفا عن طريق لايغو، كانا يصطدمان، كانا أكثر إثارة في تصرفهما، الثقب الأسود الهادئ الذي تراه في انترستلر…

محمد: السبب لعدم وجود الضوء ملتفا حول الثقب الأسود هو لأنه ربما لم يأخذ بالحسبان، وكان الهدف هو اصطدام الثقبان بدلا من محاول رؤية الضوء من حولهما.

كيب: ما كان لديك في غارغانشتوا هو قرص من الغاز الحار يحيط به، وهو الشيء الذي يظهر مضيئا بدرجة كبيرة في الفيلم، أما في حال الثقوب السوداء اللذان اصطدما واندمجا كما رآهما لايغو، فإن المعلومات لم تدل على وجود قرص المزود، لو كان هناك قرص من الغاز الحار حول الثقبين الأسودين لتأثر كثير من الاصطدام، وستكون هناك انبعاثات كهرومغناطيسية من ذلك القرص، مثل الضوء وأشعة إكس، وكانت سترى من الأرض، ولكنها لم ترى من الأرض، لذلك في حالة الثقبين الأسودين الذين اكتشاف عن طريق لايغو، لم يكن هنا قرص مزود، وفي حالة غارغانتشوا كان ذلك موجودا.

محمد: هناك بعض الأسئلة التي يسألني إياه مستمعي البودكاست عن الفيلم، يسألون، كيف يمكن لكوبر أن ينجو من التمزق في الثقب الأسود، هل من الممكن أن تشرح ذلك لو سمحت.

كيب: لو كان الثقب الأسود كبيرا بما فيه الكفاية فإنك لن تتمزق حينما تسقط إلى داخل أفق الحدث، هذا ثقب كبير، وهو بكتلة الشمس 100 مليون مرة، لمثل هذا الثقب الأسود فإن القوى المدية التي تمزقك إربا هي ليس كافية لتفعل ذلك لك أو لمركبتك وأنت تهوي خلال أفق الحدث، ومع ذلك، هناك تفردات بداخل الثقب، وعند هذه التفردات فإن لديها القوة الكافية لتمزيق الأشياء إربا، ولو تشاهد بدقة في إنترستلر سترى ومضة لحظية بعدما يقذف كوبر نفسه من المركبة الفضائية، سترى ومضة لحظية للمركبة حينما تتمزق إلى جزئين، ولكن كوبر يتم سحبه عن طريق هذه المركبة التي لقبت بالتسيراكت، لترفع من كوننا إلى الجرم في البعد الخامس عندما اقترب من التفرد، ولذلك أنقذ من أن يتم تمزيقه.

محمد: هل من الممكن أن تشرح ما هو التسيراكت؟

كيب: التسيراكت هو مكعب في الأبعاد الأربعة، لو أنك تتصور المربع على أنه مكعب ولكن في بعدين، إذن في بعدين ستحصل على مربع، في ثلاثة أبعاد ستحصل على مكعب، مكعب اعتيادي، في الأبعاد الأربعة لديك تسيراكت، وأحيانا يطلق عليه اسم مكعب هايبر، كوبر هو كائن ثلاثي الأبعاد، جسمه فيه ثلاث أبعاد مكانية، ولذلك هو يستطيع أن يعيش في ثلاث أبعاد مكانية، وجه التسيراكت، كل وجه منه هو ثلاثي الأبعاد، كما لو أخذت مكعبا طبيعيا فسيكون لديه ستة أوجه، الأوجه الستة كل منها مربع، بالمثل لو أخذت التسيراكت فإن لديه 8 وجوه، وهذه الثمانية وجوه هي مكعبات، لذلك فإن كوبر يستطيع العيش في وجه من وجوه التسيراكت، لأنه ثلاث الأبعاد، ووجه التسيركات ثلاثي الأبعاد، إذن أمسك به التسيراكت، وأدخل في أحد أوجهها، ثم حمل إلى جوار الأرض مسافرا خلال الجرم (البعد الخامس، ليس خلال عالمنا)، وهي مسافة قصيرة إلى الأرض من خلال الجرم، ولكنها مسافة طويلة خلال كوننا، ولكنه من خلال الجرم وفي البعد الخامس هو في مكان بحيث أن المسافة إلى الأرض هي بجانب غرفة ابنته هي قصيرة، ويصل إليها خلال دقائق، والتسيراكت تقف بالقرب من غرفة ابنته، وهذا حينما تراه وهو ينظر خلف مكتبتها ينظر إلى ابنته ويلقي الكتب، خارج المكتبة وعلى سطح أرض غرفة انبته.

محمد: ماذا عن العامل الزمني؟ كان لديك الكثير من الغرف في أوقات مختلفة، كيف تعالج ذلك من خلال الترسيراكت؟

كيب: التسيراكت بني عن طريق كائنات الجرم، هذه الكائنات سميت بذلك فقط تحت ظرف واحد، ولكنهم في العادة سموا بـ”هم”، إنهم حضارة متقدمة تعيش في البعد الخامس، وقد صمموا التسيراكت، حتى إذا ما سافر كوبر خلال التسيراكت، دعني أعود قليلا، التسيراكت في الفيلم هو أعقد بقليل من كونه مكعبا في الأبعاد الأربعة، وقد شرحت ذلك في كتابي، وهو ابتداع ذكي من كريستوفر نولان وليس لي شخصيا، كما يرى ذلك كوبر، هناك تكرارات لغرفة ابنته، وحينما يسافر مكانيا من مكان إلى آخر فهو يتحرك خلال الزمن خلال زمن ابنته، يتحرك مكانيا ليرى ابنته اليوم ثم خمسة أيام بعد ذلك، وذلك انتقالا إلى الأسفل في التسيراكت.

محمد: سؤال آخير قبل أن نتركك، أنا أعلم أنك شخص مشغول، كيف تحكم كوبر بالجاذبية لإرسال المعلومات إلى الماضي؟

كيب: كوبر أراد إرسال معلومات رجوعا بالزمن إلى ابنته، وهذا كان ممكنا لأن بسبب طبيعة التسيراكت التي بناها كائنات الجرم، في التسيراكت، بداخله، في الأبعاد الأربعة منه هناك ما يسمى بخطوط زمنية مغلقة، لن تراها إن كنت على وجه من وجوه التسيراكت، لن تراها ولن تشعر بها إن كنت على الأرض، ولكن من الداخل، من البعد الرابع المكاني في التسيراكت فهي موجودة هناك، ولذلك في الفيلم فإن كوبر فهو يضغط على شيء يبدو وكأنه قطعة خشبية طويلة، تسمى بالبثق، هو يدفع بها، وهي تكون القوة الجاذبية… الموجات الجاذبية، وتسافر عبر البعد الرابع، البعد الرابع المكاني بداخل التسيراكت، ويدور عدة مرات هناك رجوعا بالزمن بالنسبة لابنة كوبر، وبعد ذلك تصل هذه القوة بداخل غرفة ابنته، وتدفع بالكتب خارج الأرفف، وهذه هي الطريقة المبدئية لعملها، أنا أنقاش ذلك في كتابي علم انترستلر، ولكن التفصيلات التقنية موجودة في الرسمة الأخيرة من الكتاب في فهرس تقني.

محمد: بعض الأبواب في كتابك من الصعب فهما إن أردت أن أكون صادقا، ليست لدي الخلفية الكافية لفهم بعض الأشياء التي ذكرتها هناك، وأنا متأكد أن لديك قوانينا لها.

بروفيسور ثورن، شكرا جزيلا للمقابلة، أقدر لك وقتك.

كيب: سعدت بالتحدث معك، شكرا.

محمد: كيب ثورن، بروفيسور في الفيزياء النظرية في جامعة كال تيك، هو المؤسس المشارك لمشروع لايغو، والمنتج التنفيدي لأنترستلر. شكرا لك جزيلا.

***

أود أن أطلب منكم طلبا، أنتم في العادة تبعثون لي رسالة على الإيميل أو على التويتر أو الفيسبوك ويكون فيها شكر أو ثناء أو غيره، أشكر لكم هذا العمل من كل قلبي، هذه المرة أطلب منكم أن ترسلوا لكيب ثورن رسالة شكر على المقابلة بدلا من إرسالها لي، فهو الشخص المستحق لهذا الشكر. الإيميل التالي هو له، تستطيع إرسال رسالة قصيرة له، أخبره أنك استمعت للمقابلة على السايوير بودكاست.

هذه المرة، بدلا من أن تشكروني، أنا أشكركم.

kip@caltech.edu

مقالات ذات صلة

‫3 تعليقات

  1. شكرا لك يا دكتور محمد .
    شكرا لك لك ماتنشره من علم .
    لقد استفدت وتعلمت منك الكثير الكثير .

    أمنيتي أن أقابلك لأشكرك على جهودك ، ولكي أقول أنني قابلت هذا الرجل العظيم.

  2. مجهود رائع يستحق الثناء, شكرا د. محمد
    أقدر جدا الوقت المستثمر فى إعداد الاسئلة والتجهيز للمقابلة والظهور بهذه الصورة الرائعة التى تظهر الإهتمام لكيب بعيدا عن الاسئلة المسترسلة والمبتزلة.

    لقد قمت بشكر كيب وتمنيت له نوبل القادمة.

  3. لك جزيل الشكر والامتنان على كل ما تقدمه للعالم العربي من نشر للعلم والمعرفة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى